الشاعر ابْنُ العُلَيْفِ الحَلَوَيُّ ( الجزء الرابع ) ..

كتبه/ عبده بن فايز الزُّبَيْدِيّ

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمدلله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده.

سيرته من كتب التراجم:

قال الطيب بامخرمة في قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر :

(( ابن العليف الأديب): الأديب البليغ أبو عبد الله محمد بن الحسن ابن العليف، أوحد شعراء عصره، وفصحاء دهره. كان شاعرا فصيحا بليغا، حسن السبك، جيد المعاني، وكان معجبا بنفسه، مغاليا في استحسان شعره، حتى إنه ليفضله على شعر المتنبي وأبي تمام، ولا تنكر فصاحته وبلاغته، ولكن أين السّنام من المنسم؟ ! وفي شعره الغلو في الرفض والتشيع، ومن شعره في ذلك قوله: [من الوافر]

فقلت رضيت بالإسلام دينا … وتوحيدي لرب العالمينا

وتقديمي على زيد وعمرو … وتفضيلي أمير المؤمنينا

أقول لمن يقدمهم عليه … خطيبا قائما في المسلمينا

صددت الكأس عنا أمّ عمرو … وكان الكأس مجراها اليمينا

وقال يمدح الأشرف بن المفضل بقصيدة وازن بها قصيدة المتنبي العينية التي يمدح بها سيف الدولة، وأولها: [من البسيط]:

غيري بأكثر هذا الناس ينخدع … إن قاتلوا جبنوا أو حدثوا شجعوا

فقال ابن العليف في أول قصيدته: [من البسيط]

الله لي عوض عن وصل من قطعوا … رزقي عليه فلا فقد لما منعوا

وقال يمدح الوزير علي بن عمر بن معيبد الأشرفي: [من الطويل]:

بنوا برمك كان وآل معيبد … عليّهم في الفضل أعلى مراتبا

تشابهت الأكفاء في كل أمة … فكانوا لقيطا في اشتباه وحاجبا

وهذا الذي أضحى وكل لفضله … مقر بأن الشمس تخفي الكواكبا

عظيم مهيب في العيون تخاله … على الأرض نورا في السماوات ثاقبا

ومن شعره ما كتبه إلى صديق له في وصف الشيب: [من الوافر]:

لقد بدلت كافورا بمسك … عهدناه بلمّتك الكريمه

وكان المسك أدنى منه عرفا … لناشقه وأغلى منه قيمه

وله أشعار كثيرة يمدح بها أمراء مكة: كعنان بن مغامس، وحسن بن عجلان وغيرهما، وأئمة الزيدية؛ كعلي بن محمد الهدوي، وولده الإمام صلاح، وملوك اليمن وغيرهم، ووصلوه بصلات جزيلة، وكان ضنينا بشعره، ومنقبضا عن الناس.

قال الخزرجي: (أقام مدة باليمن، ثم رجع إلى المخلاف، وكان آخر العهد به في سنة ثلاث وثمانين وسبع مائة) اه‍ (1)

ووجدت بخط شيخنا الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي: (أن المذكور ولد بأرض حلي بن يعقوب سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة، وتردد إلى مكة كثيرا، وسمع بها من القاضي عزّ الدين بن جماعة، وأنه توفي بمكة سابع رجب سنة خمس عشرة وثمان مائة، ودفن بالمعلاة) اه‍ )( ج: 6 ص: 371_372)

قال التقي الدين الفاسي في العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين : (محمد بن حسن بن عيسى بن محمد بن أحمد بن مسلّم ـ بتشديد اللام ـ العدنانى، الحلوى، يلقب بالجمال، ويعرف بابن العليف الشاعر:

نزيل مكة. وكان كثير الشعر يقع له فيه أشياء مستحسنة، وكانوا يغلو فى استحسانها، بحيث يفضل نفسه فيها على المتنبى وأبى تمام. وعيب عليه ذلك مع أشعار له تدل على غلوه فى التشيع.

وكان بينه وبين يحيى النشوشا، شاعر مكة مهاجاة، أقرع فيها النشوشا عليه.

وله مدائح كثيرة فى جماعة من الأعيان، منهم: الأشرف صاحب اليمن، والإمام صلاح بن على الزيدى صاحب صنعاء، وأمراء مكة: الشريف عجلان بن رميثة، وأولاده الأمراء شهاب الدين أحمد، وعلاء الدين على، وبدر الدين حسن، وابن عمهم عنان بن مغامس.

وأجازه عنان على بعض قصائده فيه، وهى التى أولها:

(بروج زاهرات أو مغانى)

بثمانية وعشرين ألف درهم على ما بلغنى.

ونال ـ أيضا ـ من الشريف حسن صلات جيدة. وله فيه مدائح كثيرة حسنة ، وانقطع إليه فى آخر عمره نحو اثنتى عشرة سنة، حتى مات بمكة فى ليلة الجمعة سابع رجب سنة خمس عشرة وثمانمائة، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة ، ومولده سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بحلى.) . ( ج: 2 ، ص: 161 _162).

وقال في سيرة عنان بن مغامس بن رميثة بن أبى نمى : (ومما سمح به لبعض الشعراء، وهو الجمال محمد بن حسن بن العليف، ثلاثون ألف درهم، جزاء على قصيدة مدحه بها أولها: بروج زاهرات أو مغانى) ( ج: 5 ، ص: 423)

قال زين الدين المَلَطي (844 – 920 هـ = 1440 – 1514 م)، في نيل الأمل في ذيل الدول:

في أحداث سنة 815 هجري: ( وفي رجب مات الشاعر الأديب، الفاضل، جمال الدين بن العليف محمد بن الحسن بن عيسى بن محمد بن أحمد بن مسلم بن يحيى الحلوي ، المكيّ.

وكان بارعا في النظم، إلاّ أنه كان عريض الدعوى، وكان متغاليا في التشيّع.بغته الأجل وله ثلاث وستون سنة)(ج:3، ص:241)

قال ابن العِماد الحنبلي (1032 – 1089 هـ = 1623 – 1679 م) ، في شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، سنة خمس عشرة و ثمانمائة : (وفيها جمال الدّين محمد بن الحسن بن عيسى بن محمد بن أحمد بن مسلم المكّي الحلوي – بفتح المهملة وسكون اللام، نسبة إلى حلي كظبي مدينة باليمن، المعروف بابن العليف- بمهملة ولام وفاء مصغر. ولد بحلي سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، ونزل بمكّة، وسمع من العزّ بن جماعة، وكان غاليا في التشيّع وتعاني والنّظم فمهر فيه وفاق أقرانه إلّا أنه كان عريض الدّعوى ومدح ملوك اليمن، وأمراء مكّة، وينبع، وانقطع إلى حسن بن عجلان بمكّة.

ومن مدائحه في النّاصر لدين الله صلاح الدّين بن علي بن محمد صاحب صنعاء:

جادك الغيث من طلول بوالي … كبروج من النّجوم خوالي

فقدت بيض أنسها فتساوى … بيض أيامها وسود الليالي

قاسمتني وجدي بها فتساوى … حالها بعد من أحبّ وحالي

وهي طويلة. وله فيه من أخرى:

يا وجه آل محمّد في وقته … لم يبق بعدك منهم إلا قفا

لو كانت الأشراف آل محمد … كتب العلوم لكنت فيها المصحفا

أو كانت الأسباط آل محمد … يا ابن النّبيّ لكنت فيها يوسفا

وتوفي في سابع رجب)( ج: 9 ، ص:168)

قال الشوكاني في البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع: (مُحَمَّد بن الْحسن بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُسلم ، كمحمد ، بن محيي ، بِضَم الْمِيم وَفتح الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء، ابْن العليف بِضَم الْعين الْمُهْملَة مُصَغرًا المالكي الشافعي وَيعرف بِابْن العليف ولد سنة 742 اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِبِلَاد حلي بن يَعْقُوب وَتردد إِلَى مَكَّة غير مرة سمع بهَا فِي بعض قدماته على الْعِزّ بن جمَاعَة وَقَالَ الشّعْر فمهر فِيهِ ونظم الْكثير وَانْقطع لى الشريف حسن بن عجلَان ومدحه بقصائد كَثِيرَة وَقدم إِلَى الإِمَام النَّاصِر صَلَاح الدَّين مُحَمَّد بن علي إِلَى الْيمن فمدحه بقصائد مِنْهَا القصيدة الْمَشْهُورَة الَّتِى يَقُول فِيهَا:

(جادك الْغَيْث من طلول بوالي … كبروج من النُّجُوم خوالي)

(فقدت بيض أُنْسُهَا فتساوى … بيض أَيَّامهَا وسود الليلى)

 

وَمِنْهَا فِي الْمَدْح

(وَترى الأَرْض أذيهم بمغزى … هى فِي رعدة وفى زلزالي)

قَالَ السخاوي يحْكى أنه لما فرغ مِنْهَا قَالَ لَهُ الإِمَام أحسنت لَا كَمَا قَالَ الْفَاسِق أَبُو نواس

(صدح الديك الصدوح … فاسقني طَابَ الصبوح)

فَقَالَ للْإِمَام مَا يقنعني هَذَا إنما أُرِيد مِنْك أَن يحكم لي بأني أشعر من المتنبي فَقَالَ الإِمَام لَيْسَ هَذَا إِلَى هَذَا إِلَى السَّيِّد مطهر صَاحب الفص فَإِنَّهُ هُوَ الْمشَار إِلَيْهِ فِي عُلُوم الْأَدَب ومعرفتها فَقَامَ إِلَيْهِ وَعرض عَلَيْهِ ذَلِك بِإِشَارَة الإِمَام فَقَالَ لَهُ هَذَا المتنبي يَقُول فِي صباه

(أبلى الْهوى أسفا يَوْم النَّوَى بدني)

ثمَّ قَالَ لَهُ يَا هَذَا إن للمتنبي ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ مثلا يتَمَثَّل بهَا الْخَلِيفَة فَمن دونه وَأَمْثَاله لَا اعْتِرَاض فِيهَا لأحد فائتنا أَنْت بِثَلَاثَة أَمْثَال لم يسْبق إِلَيْهَا فَقَامَ من عِنْده وَرجع إِلَى الإِمَام وَقَالَ لَهُ إن السَّيِّد لَهُ إلمام بالأدب ولي بِهِ إلمام فحسدني وَلم يقْض لى بشئ فَقَالَ لَهُ الإِمَام لَا يفضلك أحد على المتنبي بعده وَلَكِن أَقُول لَك يَا مُحَمَّد لَو نطقت فِي أذن حمَار لصهل

وَكَانَ معجبا بِشعرِهِ متغالياً فِي استحسانه بِحَيْثُ يفضله على شعر المتنبي فيستهجن لذَلِك وَمن مدحه فِي الإِمَام الْمَذْكُور

(يَا وَجه آل مُحَمَّد فِي وقته … لم يبْق بعْدك مِنْهُ إلا قفا)

(لَو كَانَت الْأَبْرَار آل مُحَمَّد … كتب الْعُلُوم لَكُنْت مِنْهَا مُصحفا)

(أَو كَانَت الأسباط آل مُحَمَّد … يَا ابْن الرَّسُول لَكُنْت مِنْهُم يوسفا)

وَتوفى لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع رَجَب سنة 815 خمس عشرَة وثمان مائَة بِمَكَّة. )(ج:2، ص: 157_159)

قال إسماعيل باشا الباباني (000 – 1339 هـ = 000 – 1920 م)، في هدة العارفين:

(ابْن العليف مُحَمَّد بن احْمَد بن حسن بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن احْمَد بن مُسلم جمال الدَّين المكى الشَّافِعِي شَاعِر بطحاء الشهير بِابْن العليف (بِضَم الْعين الْمُهْملَة مُصَغرًا) ولد سنة 742 وَتوفى بِمَكَّة سنة 815 خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة.) (ج: ص:180)

………………………………

(1) و حلْيَةُ أو وادي العرج: وادٍ ، كذلك ، يقع بمحاذاة قرية حلية بمحافظة أَضَمَ ، في تهامة جنوب منطقة مكة المكرمة ، غرب المملكة العربية السعودية، وهو أكبر وادٍ في محافظة أَضَمَ، يمتد هذا الوادي من جبال الحجاز المطلة على ربوع العين ويمر بعدة قرى منها:

المحظر و كساب و أمّ حطب ، حتى يصل إلى الشَّاقَةِ ، عبورا إلى البحر الأحمر.

(2) الحسبة : تسمى اليوم الأحسبة.

(3) عليب : يسمى اليوم وادي الشاقة ، و الشاقة شاقتان : الشاقة الشامية ( شمال الوادي) جهة مكة ، والشاقة اليمانية (جنوب الوادي) جهة المظيلف والقنفذة و وادي حلي بن يعقوب.

(4) يبة : تسمى اليوم يَبَهْ ، تقع بين ( القوز والحبيل ) و حلي بن يعقوب ، وتبعد عن وادي حلي بني يعقوب بحوالي ثلاين كيلا ( 30 كم) شمالا . وليس بينها و بين بلدة القوز و الحَبِيْلِ ، سوى جسر ٍ يمر على وادي يبه المشهور .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.