اعتادت الوقوف
أمام مرآتها
الفخمة ليلاً ، كانت تقف طويلاً متباهية بحسنها الطاغي على ضوء المصباح الجانبي، تسرح شعرها
الفاحم المنساب كالحرير
على وجهها
القمري بإغواء،
لا أضواء أخرى،
سوى ذلك الشعاع
الضئيل المنبعث من
أباجورتها المركوزة
في ركن تسريحتها ،
أخذ الشعاع يمتد ببطء حتى شكّلَ بؤرة
ضوء ساطعة،
ارتكزت في زاوية المرآة، مصحوبةً بغمامة
دخانٍ أبيض ،
راح يحوم حول وجهها الأغر،
ويلف شلال شعرها الناعم الطويل ،
تسمرت عيناها
على الضوء الساقط
في ركن المرآة ،
وعلى شعرها الفاحم
الناعم تارةً أخرى،
وللوهلة الأولى
بدت لها يدان
كبيرتان مخبأتان
بجوربين أبيضين !
تعملان على
تصفيف شعرها بلطف! أوجست خيفةً، ارتعدت
فرائصها هلعاً ،
ثم سكنت حيث
هي بلاحراك،
فجأة حدث شطبٌ
في زاوية المرآة ،
سال دمٌ من ذلك
الشطب الصغير ،
سال في خطوط متعرجة سوداء على
التسريحة المعتمة
في مشهد سوريالي
مخيفٍ، مريب،
فتحت فاها، كادت تشهق رعباً،
لكنها كتمت أنفاسها
بكلتا يديها، استجمعت
قواها مرةً أخرى ،تنفست بصعوبة بالغة، وفركت عينيها
من أبخرة
حلم مزعج. بدور سعيد
شطب في زاوية المرآة
