القرّاء جمع مفردها قارئ، وهو اسم فاعل من فعل الجذر الثلاثي (ق ر أ) وتجمع علي قارئون وقَرَأه أيضا، والقارئ هو ذلك الشخص الذي يخاطبه الأديب من خلال كلمات وعبارات تدل على معان تكمن في نفسه، سواء أكان هذا الشخص قارئًا أم مستمعًا أم مشاهدًا، و يعد القارئ أحد أقطاب العملية الإبداعية الأدبية الثلاثة: المؤلف والنص والقارئ، إذ بدون هذه الأقطاب لا يمكن أن يصل القارئ إلى فهم النص الأدبي فهمًا صحيحًا كما ينبغي، والعمل الأدبي لا قيمة له من دون قارئ حصيف؛ لأن القراءة تعني وجود ذات قارئة، وهذه الذات باتت محور العملية النقدية في الآونة الأخيرة، فلم يعد المؤلف المهيمن في الساحة النقدية مثلما كان عند أصحاب المناهج السياقية، ولا النص مثلما كان عند البنيويين، بل تعدى ذلك إلى القارئ محور العملية الإبداعية، فهو الذي يكشف فجوات النص، وهو الذي يسدد ثغراته، ويكمل نقصه، فهو الفاعل والنص المفعول به.
والعملية القرائية لم تعد أحادية بل ثنائية قائمة بين التقاء وعيين، وعي القارئ المتمكن، ووعي المؤلف الذكي. لذا انتقلت السلطة من المؤلف الى القارئ، ولم تعد مقولة ( المعنى في بطن الشاعر) هي المهيمنة كما كانت، بل أصبح القارئ يجمع المعنى المبعثر داخل النص، لينظم منه شجرة دلالية.
من –هنا- تعدد القراءات، فتعدد القرّاء وتنوعوا مما أثرى الساحة النقدية بقرّاء كثر ينظرون إلى النص بحسب رؤيتهم، ولعل أول من طرق ذلك في مؤلف هي الروائية الإنجليزية فرجينيا وولف من خلال كتابها الشهير(القارئ العادي) أي(البسيط) فعرفته، وحددت سماته، وهويته، فهو قارئ واضح الهوية، مُعْلَن الحضور يعمل على قضاء وقته بالتسلية القرائية دون الاهتمام بالمواقف والاحداث والمعلومات، وربما يكون على النقيض مما يؤمن به، فهو لا يهتم بالنتائج بقدر رغبته في قضاء الوقت، يقرأ أي كتاب يعجبه لكنه لا يستوعب كل ما يقرأه.
أما القارئ المثقف ( المحترف، غير العادي) فهو الذي يختار الكتاب الذي يقرأه بعنايه، وهو الذي بإمكانه إصدار الحكم على ما يقرأ بصورة مهنية تُعْتَمَد في مجالات نقاشية متعددة.
والفرق بين القارئين، أن القارئ المثقف يمكن اعتماد أحكامه التي يصدرها في المناقشات الفكرية والأدبية والنقدية أكثر من سواه من القرّاء؛ لان حكمه صدر نتيجة التحليل لخبر القراءة، ولدرايته بالفرق بين السبب والنتيجة التي من خلالها يمكن الوصول إلى حكم قطعي بدرجة كبيرة.
للحديث تتمة
د. مصلح البركات
تركي بن عطية بن ردة المالكي
15/02/2021 at 00:17أجدت وأفدت يا دكتور.
أتمنى لك التألق في سماء الإبداع.
شكرًا لك أبا أروى على هذا الطرح القـــيّـــم.
د خالد خضيري
15/02/2021 at 01:11موفق أخي العزيز د مصلح نفع الله بكم ورفع قدركم
غير معروف
15/02/2021 at 08:46شكراً دكتور على روعة ما خط به قلمك وما كتبته اناملك دمت ودام خطك وفكرك
أبو ضياء
15/02/2021 at 18:54كتابة رائعة تشق طريقها الى التحرر الفكري الثقافي ولكن لي رأي فيما تحدثت عنه قولك المثقف الناقد ولم تذكر ولو بشيء يسير عن المثقف والناقد المتخصص .